و يأتي المساء وتغيب أنوار المدينة سكونُ الليل...والأصداء لأغنياتِ فيروز الحزينة : "وحدن بيبقوا متل زهرِ البيلسان وحدهن...بيقطفوا أوراق الزمان" وها أنا الآن وحدي...فعلَ كان إسماً بلا عنوان طيفاً بلا ألوان ومزماراً...بلا ألحان "بسكِّروا الغابة... بضلّهم متل الشتي يدقوا على بوابي" لا... لا مطراً هنا...ولا أبواب لاشوقاً...ولاجواب ولا خيبات أو ذكريات! هنا العمر يمضي رتيبا... فارغاً...كئيبا! "برج الحمام مسوَّر وعالي.. وهجِّ الحمام... بقيت لحالي" وتبقى على بالي لوماً لاأبالي عيوناً جميلة... نوراً...في عتمةٍ طويلة قصيدةً أكتبها فتذكرني...وأذكرها! ويأتيني صوتها... قلقاً تائها... تسألني... "يا ناطرين التلج ما عاد بدكن ترجعوا... صرّخ عليهن بالشتي يا ديب بلكي بيسمعوا" وأجيبها... عهد العهود عليَّ بأن أعود حين تصفرُّ أوراق الشجر ويطلع القمر فهل تراك تنتظرين؟
إليكِ...يا حلماً أخضر في بالي يا أحلى صباح...صباح النور يا وردة عمري الغالي يا أرض الحلمِ... "من حولها سور" يا أجمل بيتٍ في الأشعار أهدي هذي الأزهار ومناسبتي هي أنتِ وهل للورد من أسباب؟ أقفُ عند الباب فهل تراكِ تفتحين؟
وتسألني... لمن يا صديقُ تغني؟ وتكتبُ أشعار... ولمن تهدي الأزهار؟ ويأتيها الجواب بلا ترددٍ...ولا ارتياب "لها" لموقظةِ القلبِ إذا سها لملهمتي.. و نور عتمتي للكلمة... تسحرني...فالبسمة للصوتِ الحاملِ من وطني غيمة عطراً...ونسيما للجرأةِ... على استحياء للفنِّ...تجسّد في حواء لأجملِ ضحكة... للطفلةِ فيها...للمرأة لعمرٍ أجمل يا صديقةُ قد صار سأكتب هذي الأشعار لكنّ سؤالي لها في بالي: كيف قصائدي تقرأين؟
كنتُ قد أحرقتُ أوراقي وكسرتُ القلم وتجمّدت دمعُ المآقي وصادقتُ الألم وإذا بأيامي... كألوان أحلامي أمست باهتة كطيور أيلول َترحلُ صامتة وكنتُ أمضي وحيداً بين الملايين طينٌ...ويمشي فوق طين! حتى لمحتُك من بعيد وتقاطعت طرقاتنا بلا مواعيد أنتِ... وأنا في وجهكِ...لمحةٌ من وطني وقمر في صوتكِ ترانيمُ صلاتي.. وفنّي وأغنياتُ مطر فهل عن نفسكِ تكشفين؟
وردةً صفراء كانت تختالُ بلونها حَمَلها العاشقُ...فمالت تحميهِ من شوكها! ومع كلمات الغزلْ تورّدت أوراقها أتراهُ خجلْ... أم انعكاسُ خدِّها؟ أو حُمرة الشفاه؟ تذوبُ في عيناه؟ وبين النظرات... والشِعر و الكلمات ودفء اليدين... ونور العين إذا بالوردةِ الصفراء قد غَدت حمراء! فهل بوردتي تقبلين؟
وفي الصباح... تختفي أفكار الليل والأوهام الذكريات...وما قد راح خرابيشي...وما تكسّر من أقلام وكألةٍ...أرتدي ثيابي وربطة العنق اللعينة وأحملُ معطفاً أبيضا..وكتابي وأمضي ...لأذوب في المدينة رقماً...أسماً على بطاقة زهرةً...دون باقة ودون ماء أو انتماء! من أنا؟ وكيف انتهيت ُهنا؟ ترى... هل تعلمين؟
كان اليوم رماديا وكان مطر وشمس المدينة أمست منسية وضاع القمر وكنت أمشي وحيداً يحملني الريح بعيداً ويعصف بي بقوّة وكنتِ هناك يا صوتاً يأتيني عبر الأسلاك سؤالاً مبهماً في البال حلماً قد طال ووجهاً يطلّ من كوّة.... أو من شبّاك! وأركض هرباً منكِ ومن السؤال "من أنتِ؟" أفكاراً ومشاعر في كلمات؟ صوراً أبحث عنها بين الصفحات؟ لا أعرف شيئاً عنكِ سوى إبتسامة... إسماً على شاشتي... وشالاً أسود! هل تُراني سأعرف من أنتِ؟